- Get link
- X
- Other Apps
الفصل الثاني : مدارس الجغرافيا السياسية
المبحث الرابع : ألكسندر دي سفرسكي و نظرية القوة الجوية
المدرسة السوفياتية
وتستمد نظرية القوة الجوية صياغتها الفكرية من افتراض مفاده "أن السيطرة على الجو تتيح إمكانية عالية للسيطرة على الأرض". هذا الافتراض ورغم بساطته فقد غير الكثير من مفاهيم السوق العسكري ومحاور القوة الجيوبوليتيكية والجيواستراتيجية ذلك أن الخصائص الإستراتيجية للمجال الجوي تعالج في الواقع مضمونه الجيواستراتيجي معتبرة إياه مجالا ينطوي على أهمية فائقة تتجاوز المجالين البحري والبري.
وأهم الآراء التي جاءت في هذا الصدد، ما جاء به ألكسندر سفرسكي في بحث باسم "القوة الجوية مفتاح البقاء Air Power Key to survival" 1950 والذي نظر إلى الوضع الجيوبوليتيكي في العالم في ضوء القوات الجوية، حيث رسم سفرسكي خريطة ذات مسقط قطبي "القطب الشمالي" ووضع فيها الأمريكيين جنوب القطب وأوراسيا وإفريقيا في شمال القطب، وعلى هذا فإن تقسيم سفرسكي هو التقسيم المتعارف عليه: العالم القديم والعالم الجديد، وفي هذه الخريطة يتضح أن السيادة الجوية الأمريكية تشتمل على كل الأمريكيتين بينما منطقة السيادة الجوية السوفيتية تغطي جنوب وجنوب شرق آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
لكن منطقتي النفوذ الجوي تتلاقى وتتصادم في مناطق أخرى هي أوروبا الغربية وشمال إفريقيا والشرق فضلا عن أن نفوذ القوة الجوية الروسية يغطي أمريكا الشمالية، وبالمثل تغطي القوة الجوية الأمريكية الهرتلاند الأوراسياوي، ومنطقة تداخل السيادتين الجويتين البرية والبحرية تسمى في عرف سفرسكي "بمنطقة المصير" "Area of décision" فهي منطقة الحسم في أي معركة بين القوتين كما أنها المناطق الجيواستراتيجية الأهم في العالم وقد عبر سفرسكي عن ذلك بمبدئه القائل:
- من يملك السيادة الجوية يستطيع أن يسيطر على مناطق تداخل النفوذ الجوي.
- ومن يسيطر على مناطق تداخل النفوذ الجوي يصبح بيده مصير العالم.
بالرغم من الإضافة الجديدة التي جاء بها سفرسكي على اللوحة الجيوبوليتيكية للعالم إلا أن عمله هذا لم يسلم من النقد، وقد دارت الانتقادات الأساسية لعمله حول نقطتين، ارتبطت الأولى بمسقط الخريطة التي اعتمدها سفرسكي في بحثه، فقد أدى المسقط القطبي الذي اعتمده إلى إبعاد إفريقيا عن أمريكا الجنوبية بصورة لا وجود لها في الواقع، ومن ثم فإن هذا الابتعاد قد جعل كل من القارتين في حوزة القوة الجوية للسوفييت والأمريكيين على التوالي، بينما في الحقيقة تبعد إفريقيا عن الو.م.أ بالمقدار الذي تبعد به أمريكا عنها.
أما النقطة الثانية فمرتبطة بمبدأ أن السيطرة الجوية تقود فورا إلى السيادة العالمية، فلقد تكلم سفرسكي عن الدولتين الكبيرتين فقط مع إشارات خفيفة إلى قوى بريطانيا الجوية، في حين أن الدولة في النصف الشمالي أو الجنوبي من الأرض يمكنها، إذا تجمعت لديها الأسباب التي تجعل منها قوة عسكرية جوية قوية بالإضافة إلى إرادة السيطرة، أن تحصل على السيادة العالمية، خاصة وأننا في عصر تطورت فيه القاذفات الجوية والصواريخ عابرة القارات.
Comments
Post a Comment
شكرا على اهتمامك