روح الدكتور فخار تلقي بظلالها على المسيرة الـ 15 Skip to main content

MOST VISITED

روح الدكتور فخار تلقي بظلالها على المسيرة الـ 15

kamel eddine fekhar

بقلم: د. محمد أرزاق فراد

﴿ روح الدكتور فخار تلقي بظلالها على المسيرة ألـ 15﴾

• لقد أنعم الله عليّ بنعمة المشاركة في مسيرات الثورة الشعبية السلمية بالعاصمة، وكان آخرها المسيرة ألـ 15 (الجمعة 31 ماي)، التي تميزت بحضور لافتات حملت شعارات مساندة لقضية الدكتور كمال الدين فخار المتوفى بالحبس، رفعها الإخوان المزابيون الذين حضروا بقوة، وقد ساندهم الكثير من الحاضرين في مصابهم الجلل.
• لقد أوصانا رسولنا الصادق (ص) بذكر محاسن موتانا وبالكفّ عن مساويهم. فرحم الله الدكتور كمال الدين فخار وأسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون، وكلّ نفس ذائقة الموت. لقد توفي الفقيد وهو تحت طائلة الحبس المؤقت، عقب قيامه بتدوين رأي سياسي في فضاء الفايسبوك، ناقد لحكم قضائي تعسفيّ في حقّ بعض إخوانه المناضلين.
• لعل أوّل سؤال يتبادر إلى الذهن، يتمحور حول الأسباب التي دفعت الدكتور كمال الدين فخار إلى حقل النضال السايسيّ وهو طبيب يفترض أنه خلق لتخفيف الآلام على البشر؟ لا شك أنه لاحظ خللا ما في المجتمع المزابي، تطلب منه الخوض في السياسة لإصلاحه. إن الخلل كامن في شعور إخواننا المزابيّين بالحيف والاضطهاد جراء تعرّضهم للتهميش في غفلة من الدولة الوطنية، ويتجلى ذلك في مظاهر عدّة أذكر منها على سبيل المثال، إهمال المنظومة التربوية للخصوصية الثقافية المزابية إذ لا تحتوي البرامج على دروس خاصة بالمذهب الإباضي والأعلام الإباضيين الكثيرين الذين ساهموا في بناء الحضارة الجزائرية عبر العصور، وحرمانهم من تسمية المؤسسات بأسماء هؤلاء الأعلام، وكذا نظر بعض المسؤولين بعين السّخط إلى الخصوصية المزابية التي اختزلوها في كونها << تزمّتا >> يجب تخليص الجزائر منه. ولعل المسؤول الوحيد الذي بذل جهودا معتبرة لإنزالهم منزلتهم، هو الوزير السابق مولود قاسم ناث بلقاسم.وما عدا ذلك فقد اختزل الإخوان المزابيون في صورة نمطية فلكلورية جارحة لشعورهم.
• لقد التفت الشباب إلى الهياكل التقليدية المؤطرة للمجتمع المزابي، فلم يجدوا فيها حلا لمحنة المزابيين، لذلك اقتنعوا - ومنهم الدكتور كمال الدين فخار- أن الحلّ يكمن في الاستنجاد بالأساليب العصرية، المتمثلة في النضال السياسيّ والنضال في إطار فضاء رابطة حقوق الإنسان، اللذين يوفران لهم الدعم الوطني والدولي(هيئة الأمم المتحدة المناصرة لحقوق الإنسان) كظهير للقضية المزابية المضطهدة. وفي هذا السياق انخرط الدكتور كمال الدين فخار في صفوف الأفافاس قبل أن ينتقل إلى النضال في صفوف رابطة حقوق الإنسان. لا شك أن ذلك كان بمثابة هزّة تاثّر بها المجتمع المزابي، فوجد د/ فخار مقاومة من طرف بعض أعيان مزاب الذين اعتبروا المبادرة مغامرة غير محمودة العواقب، فكان أن حدث تشنّج بين أنصار التقليد، وبين أنصار التجديد.
• وفي الحقيقة فإن امتداد النضال الديمقراطي والحقوقي إلى غرداية، قد أزعج كثيرا السلطة الجزائرية المستبدة، التي تخشى اتساع رقعة الوعي السياسييّ نحو الجنوب الكبير، لذلك أطلقت أيدي المسؤولين المحليين للقمع، وأعدّت خطة لمواجهة مدّ الوعي السياسيّ وقتله في المهد، فكان ما كان من أحداث غرداية الدامية، التي لا يشك المزابيون في كونها مؤامرة نسجت السلطة خيوطها بدقة، لخنق الأصوات المطالبة بحقوق المواطنة وبالحق في حماية الخصوصية الثقافية للمجتمع المزابيّ.
• هذا وممّا يؤكد تحليلنا هذا، هو اعتقال الدكتور كمال فخار سنة 2004م في خضم اللقاء الذي نظمه الأفافاس في عين بنيان بالعاصمة، بحضور السادة حسين آيت أحمد، عبد الحميد مهري، ومولود حمروش. ولم يكتف الأفافاس باستنكار ما وقع فقط، بل قام بتعيين كمال الدين فخار المعتقل في الأمانة الوطنية للحزب، مانحا له بذلك التغطية السياسية، فضلا عن استنهاض رابطة حقوق الإنسان محليا ودوليا، وهو الأمر الذي أعطى للدكتور كمال الدين فخار حضورا في المحافل الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان. ثم اعتقل مرة أخرى سنة 2015م وقضى في السجن حوالي سنة ونصف سنة، ولم يطلق سراحه إلاّ بضغط من رابطة حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة. وقد أعيد إلى السجن للمرة الثالثة في خضم الحراك الشعبي السلمي، عقب نشره في الفايسبوك موقفه السياسي الناقد لأحكام قضائية وصفها بالجور طالت بعض رفاقه ، لكن لم يخرج منه سالما.
• وهكذا يتجلى بوضوح أن الدكتور كمال فخار كان سجين الرأي، ومات في السجن جراء التعسف في استعمال الحبس المؤقت، وبسبب تعرضه لإهمال خطير وهو في السجن أثناء إضرابه عن الطعام، ولم يسمع أحد لصرخة محاميه الصالح دبوز الذي دقّ ناقوس الخطر في الوقت المناسب، لكن تحذيره ذهب أدراج الرياح. هذا ومن دواعي الأسف أن يتعرّض هذا المناضل الحقوقي، للشيطنة والتخوين عن طريق محاولة إلصاق تهمة الانفصال به، وهو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف، فاحتكاكه بفرحات مهني كان في وقت سابق حينما كان هذا الأخير يسوّق فكرة الاستقلال الذاتي، وقد فعل ذلك الدكتور فخار- رحمه الله - في إطار البحث عن حلّ لمحنة المزابيين، التي بدا له أن النظام السياسيّ المركزي لم يجد لها حلا. ولعل ما يؤكد براءته منها، تعاطف المجتمع المزابي بقوة من خلال دعوة برلمانيين وأعيان إلى فتح تحقيق حول ظروف وفاته في السجن، ومن خلال المظاهرات الصاخبة التي عمّت غرداية ومدينة الجزائر عقب وفاته، وكذا جنازته التي حوّلتها الجماهير الغفيرة التي جاءت من كل حدب وصوب، إلى إدانة التعسف في استعمال الحبس المؤقت في ظل حكم شمولي مستبد. ولا شك أن استشهاده دفاعا عن حق أهله المزابيين في المواطنة التي تكفل لهم الحق في الحفاظ على خصوصيتهم الثقافية، سيكون دعما للنضال الهادف إلى بناء ثقافة التسامح وقبول الآخر التي لا يمكن تجسيدها إلاّ في سياق <<الوحدة في إطار التنوع>> التي أقرّها القرآن وأقرّتها الديمقراطية والتجارب البشرية في العالم. كما أرجو أن يستيقظ بهذه المناسبة ضمير السلطة لتعميم إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي الذين ما زالوا يقبعون في السجون.
بقلم: د. محمد أرزاق فراد .

Comments

POPULAR POSTS

عرض الحال أو التقرير الموجز

بحث في مقياس التحرير الاداري  عرض الحال أو التقرير الموجز : الفصل الأول : مفهوم عرض الحال المبحث الأول : التعريف بعرض الحال تعريف 1 : هو وثيقة إدارية تسرد وتروي بكيفية مفصلة أو موجزة ما قيل أو ما تم فعله بمناسبة حادث معين أو قد يعرض حالة معينة عن نشاط أو مناقشة دارت خلال اجتماع ما .وهو معد لإخبار رئيس إداري وقد يقصد منه المحافظة على أثر مكتوب فقط، مما قيل أو تم فعله في مناسبة ما ،فمثلا يمكننا تحرير عرض حال عن مناقشة محاضرة أو جلسة عمل لاجتماع معين أو مهمة، أو حادث مرور ... الخ . تعريف 2 : هو وثيقة إعلامية تهدف إلى إبلاغ الرئيس الإداري و إحاطته علما بحادث أو واقعة أو مجريات مهمة عمل أو اجتماع...، يتحرى محرره نقل الواقع و سرد الحوادث كما حدثت بالضبط و بشكل مفصل يتيح للرئيس معرفة الحقيقة بكل أبعادها، و في الوقت المناسب. يتميّز عرض حال الاجتماع عن محضر الاجتماع بكونه أكثر تفصيلا بحيث يسجل مجريات الاجتماع بشكل مفصل خلافا للمحضر بغية الحفاظ على آثار مكتوبة للنقاشات أو المداولات، بينما يهدف المحضر أساسا إلى تشكيل دعامة قانونية و مرجعية للقرارات المتخذة .  المبحث ا

المشكلة الاقتصادية و حلولها لدى الاشتراكية و الرأسمالية

خطة البحث المبحث الأول:طبيعة وأبعاد المشكلة الاقتصادية المطلب الأول : طبيعة المشكلة الاقتصادية المطلب الثاني: أسباب المشكلة الاقتصادية المطلب الثالث: المشكلات الاقتصادية الاساسية المطلب الرابع : الندرة والاختيار وتكلفة الفرصة البديلة المطلب الخامس: منحنى امكانيات الانتاج المبحث الثاني :خصائص الرغبات الانسانية وأنواع السلع والثروة . المطلب الأول :خصائص الرغبات الانسانية المطلب الثاني : أنواع السلع

القانون الإداري

القانون الإداري - ملخص استقلال القضاء الإداري.27/10/2013. في ديسمبر 1889 تم رفض مجلس الدولة للوضع القائم وحاول إبعاد الإدارة عن المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها وذلك بالقضاء على نظرية الإدارة القاضية( الوزير القاضي ) بحكمه الشهير في قضية كادو التي قرر فيها قبول دعوة مرفوعة من صاحب الشأن مباشرة دون المرور على الوزير القاضي فأصبح مجلس الدولة صاحب الولاية على المنازعات الإدارية والتي حددت اختصاصته  على سبيل الحصر بمقتضى مرسوم 28/11/1953 الذي دخل حيز التنفيذ في 1954 والذي جعل من مجالس الأقاليم محاكم إدارية ولذلك أصبح التقاضي في القضايا الإدارية يكون في مجلس الدولة والمحاكم الإدارية